تُعد الهوية البصرية عنصراً حيوياً، ليس فقط للمشاريع التجارية الكبرى، بل للأفراد أيضاً وهي ما تسمى الهوية البصرية الشخصية خاصة أولئك الذين يسعون لترك بصمة واضحة ومميزة في مجالهم. والهوية البصرية تتجاوز مجرد شعار، فهي بناء شامل يعكس القيم والأهداف والشخصية.
هذا المقال سيعرض الخطوات الأساسية لبناء هوية بصرية قوية وفعالة، كما تم تطبيقها في مشروع بناء هوية بصرية شخصية لأحد الأفراد.
المرحلة الأولى: فهم المشروع والشخصية
قبل البدء بأي عمل تصميمي، الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي الفهم العميق للمشروع أو للشخص الذي تُبنى له الهوية. لا يمكن للمصمم أن يبدأ العمل مباشرة دون المرور بمراحل الفهم للوصول إلى معرفة حقيقية. في المثال المعروض، تم البدء بفهم حوافز المشروع، لماذا أُطلق، وما هي مميزاته عن غيره.
فنتعرف في هذه المرحلة على:
الخدمات المقدمة: دورات في القيادة، التسويق، خدمات المجتمع، الثقافة المالية والصحية، والتجارة الإلكترونية.
الدافع والهدف: مساعدة الناس وكسب رضا الله، عبر الدورات والمحتوى التعليمي.
الرؤية الكبرى: تغيير حياة مليون أسرة صحياً ومادياً خلال خمس سنوات.

مر الأستاذ آدم بصعوبات كبيرة أثناء سفره إلى ماليزيا وصعوبات التعلم وكسب المال في آن واحد، مما حفزه لسد الثغرات ومساعدة الآخرين.
الجمهور المستهدف: الطلاب، أولياء الأمور، أصحاب المؤسسات، والباحثون عن مصدر دخل إضافي.

المنافسون: دراسة المنافسين أمر ضروري لتجنب التقليد ولتحديد الميزات التنافسية، وقد لوحظ استخدام المنافسين للون البرتقالي بكثافة.




إن أكثر ما يميز الأستاذ آدم هو المصداقية، العمل بروح الفريق، الدعم المستمر، وخدمات ما بعد البيع.
القيم الأساسية: الإيمان بالمصداقية والثراء الشامل (روحياً ومادياً)، والرغبة في أن يُصنف كرائد أعمال اجتماعي يدعم الفقراء، مشابهاً لمحمد يونس.


يرى الأستاذ آدم نفسه بمنزلة محمد يونس الشهير ويسعى أن يكون مثله ويقود تجربة متميزة

المشكلة التي يحلها: نقل الأفراد من حالة الضياع والتشتت والخوف إلى تطبيق المبادئ عملياً وليس نظرياً وحسب

كل هذه المعلومات تُعد حجر الزاوية لضمان أن الهوية البصرية ستناسب الشخص تماماً وتعبر عنه بشكل صادق.
المرحلة الثانية: العصف الذهني وتحديد المفاهيم البصرية
بعد فهم الشخصية والمشروع، تأتي مرحلة العصف الذهني لترجمة الصفات والقيم الرئيسية إلى مفاهيم بصرية. الصفات التي تم التركيز عليها في هذا المشروع كانت القيادة والمصداقية والثراء. الهدف هو إيجاد طريقة مبتكرة وغير مستهلكة للتعبير عن هذه المفاهيم بصرياً.

خلال العصف الذهني، تم التفكير في كيفية التعبير عن القيادة بصرياً، مثل الرؤية، التأثير، الإلهام، التوجيه، والإدارة.

ومن بين الأفكار التي لفتت الانتباه بشكل خاص كانت فكرة “العلم” أو “الراية”. يُعد العلم رمزاً قوياً في الثقافة العربية، يدل على الشموخ، القيادة، الصمود، الفروسية، والبطولة، والجميع يلتف حوله.
لذلك، تم التركيز على فكرة العلم كعنصر أساسي في الهوية.

المرحلة الثالثة: رسم الشعار وتطويره
مرحلة الرسم هي التطبيق العملي للمفاهيم التي تم التوصل إليها. عند تطوير شعار، هناك مساران:
1. تطوير الشكل القديم: محاولة تحسين الشعار الموجود.
2. ثورة على الشكل القديم: البدء من جديد بالكامل.
في هذا المشروع، تم تجربة المسارين.
بدأت المحاولة بتطوير الشعار القديم الذي كان يعتمد على تكرار حرف “A” ودمجه مع أشكال أخرى كالحصان أو العلم. لكن تبين أن هذه الأفكار محدودة وأن التطوير صعب.


لذلك، تم الانتقال إلى البدء من جديد بالاعتماد على فكرة “العلم”. تم رسم العديد من السكتشات الأولية للعلم بطرق مختلفة: مغروساً، يرفرف، مستلهماً من انحناءاته.
تم اختيار سكتش بسيط يرمز إلى التغلب على التحديات وتحقيق الأهداف، كأنك تغرز العلم في أعلى الجبال. هذه الفكرة تعبر عن الصمود والوصول للقمة.

بعد اختيار الفكرة الأولية، بدأت مرحلة التطوير الدقيق للشعار. تم تحسين الرسمة، إضافة تفاصيل مثل النجوم أو الدوائر، وتعديل السماكات والانحناءات.

الشعار النهائي يرمز إلى الإلهام، العلو، التحدي، النهضة، التمكن، السيطرة، التأثير، والرؤية. كما يتضمن فكرة النجوم كرمز للتأثير والسطوع والأهداف العظيمة (فلا تقنع بما دون النجوم)، وفكرة الجبال كرمز للصعوبات والصعود للقمة. تم بناء الشعار بدقة، مع إضافة “كسرة” لإبراز النجمة وإضفاء انسيابية ومرونة تعبر عن التفاعل مع المحيط.

المرحلة الرابعة: تطوير النسخة النصية (الاسم)
واجه المشروع تحدياً في الاسم، حيث أنه اسم مركب “أدم عبد الله” ويحتاج لإصدارات باللغتين العربية والإنجليزية.

تم حل المشكلة بإنشاء ثلاثة إصدارات:
إصدار بالعربية.
إصدار بالإنجليزية.
إصدار ثنائي اللغة يركز على اسم “أدم” لكونه الاسم المميز.

تم اختيار جعل الحرف الأول فقط كبيراً في النص، مع جعل التركيز الأساسي على الأيقونة (الشعار البصري) وليس النص، نظراً لأن الاسم طويل ومن الصعب حفظه كنص كامل.
أما بالنسبة لاختيار الخط، فقد تم دراسة أنواع الخطوط وتصنيفاتها ومعانيها.



تم اختيار خط حديث ومتوازن (كخط شركة IBM في المثال). تم تمييز اسم “أدم” بإضافة “كشيدة” (تمديد) لحرف “الميم” في النسخة العربية ليكون مميزاً ولتجنب التأثير على النسخة الإنجليزية. تم بناء إصدارات الشعار النصية لتكون متوازنة ومضبوطة بين العربية والإنجليزية وفي مختلف التخطيطات (عمودي وأفقي).

المرحلة الخامسة: اختيار لوحة الألوان
تُعد الألوان عنصراً حساساً ومهماً في الهوية البصرية. في هذا المشروع، تم اختيار الألوان بناءً على معانيها وارتباطها بمحاور عمل الأستاذ أدم:
اللون الأخضر: اختير ليكون اللون المهيمن. يرمز إلى الإنجاز، النمو، الصحة، والمال. هذه المحاور أساسية في الدورات التي يقدمها.
اللون الأصفر: اختير ليرمز إلى البداية والإشراق الجديد.
اللون البرتقالي: على الرغم من شيوعه لدى المنافسين، تم تضمينه أيضاً كونه لون الإبداع.

استُلهِمت لوحة الألوان بشكل أساسي من أوراق الملاحظات (Sticky Notes) التي يستخدمها الأشخاص المنجزون. تم بناء لوحة ألوان فريدة ومتعددة الدرجات لاستخدامها في سياقات مختلفة. تم تحديد النسب اللونية (الأخضر هو الغالب، والأصفر والبرتقالي بنسبة قليلة حوالي 5%) لضمان التناسق.

المرحلة السادسة: بناء العناصر البصرية الداعمة والتطبيقات
تشمل الهوية البصرية عناصر أخرى غير الشعار والاسم والألوان، مثل الأيقونات والرسومات والعناصر المتكررة. نظراً لأن الأستاذ أدم يقدم دورات تدريبية ويعمل الكثير من السلايدات، تم إضافة شخصيات رسومات (Illustrations). تم تصميم 170 شخصية تقريباً، بألوان متوافقة مع الهوية وطريقة رسم تعكس شخصيته. هذه الشخصيات تحمل العلم وترتبط بمواضيع الدورات (التسويق، المال، الصحة، الدراسة) لمساعدته في عرض المعلومة بشكل أفضل.

بعد ذلك، تم بناء قوالب التطبيقات. شمل ذلك قوالب لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وأغلفة الصفحات (فيسبوك، لينكد إن). تم تصميم هذه القوالب باستخدام الشعار، الخطوط، الألوان، والرسومات الداعمة، مع التركيز على شخصية الأستاذ أدم وإبرازها. تم توفير نماذج مختلفة (غامقة وفاتحة) لإضفاء تباين وجمالية ولتسهيل الاستخدام في العروض التقديمية.

المرحلة السابعة: إعداد الدليل الإرشادي
خطوة حاسمة لضمان استدامة الهوية البصرية وتناسقها هي إعداد “الدليل الإرشادي” (Brand Guidelines). هذا الدليل هو مرجع يوضح كيفية استخدام الهوية. هو ضروري لكي يعرف صاحب الهوية كيف يستخدمها بنفسه، وإذا تعامل مع مصممين آخرين، يضمن الدليل أنهم سيعملون بنفس القواعد والقوانين والخطوط.
احتوى الدليل الإرشادي على:
• تعريف بفكرة الشعار والأفكار التي بُني عليها وإصداراته المختلفة.
• القواعد التسلسلية لاستخدام الشعار بأحجام مختلفة (نسخة كاملة، نسخة مصغرة للأحجام الصغيرة جداً).
• لوحات الألوان وأكوادها الدقيقة، بالإضافة إلى نسب استخدام الألوان والتركيبات المقبولة وغير المقبولة.
• تعليمات حول تلوين الشخصيات الداعمة.
• الخطوط المختارة، أوزانها المختلفة، وكيفية التعامل الصحيح والخاطئ معها.
• أمثلة لتطبيق الهوية على وسائل التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني.

المرحلة الثامنة: التحريك (Motion Graphics)
لإضفاء حيوية على الهوية، تم تحويل الشعار إلى شكل متحرك. تم إنشاء تحريك للشعار لاستخدامه في بداية ونهاية الفيديوهات (Intro/Outro). تم عمل هذا التحريك بصيغ وأشكال مختلفة (مستطيل، مربع، شكل مناسب لليوتيوب). فكرة التحريك هي انطلاق العلم والنجمة للأعلى ثم ظهور العلم وهو يرفرف، ليعكس الحركة والصعود والانطلاق.
الخاتمة الهوية البصرية الشخصية
عملية بناء الهوية البصرية، سواء كانت لمنتج أو خدمة أو شخص، هي رحلة منهجية تتطلب فهمًا عميقًا، بحثًا، إبداعًا، وتطبيقًا دقيقًا. الهوية البصرية القوية هي التي تعكس شخصية صاحبها، تتحدث عن قيمه، وتحل مشكلة التواصل البصري مع الجمهور. باتباع خطوات واضحة من الفهم وصولاً إلى وضع الدليل الإرشادي، يمكن بناء هوية بصرية متماسكة، مميزة، وفعالة تحقق الأهداف المرجوة.
شاهد االمشروع كاملا من هنا
الهوية البصرية الشخصية هي مجموعة من العناصر البصرية التي تعبر عن شخصية الفرد وقيمه وأهدافه بشكل بصري موحد مثل الشعار، الألوان، الخطوط، وغيرها.
ليس بالضرورة، لكنها مفيدة جداً لمن يريد أن يبرز في مجاله، خاصة المدربين، صناع المحتوى، رواد الأعمال، والمستقلين.
تختلف المدة حسب تعقيد المشروع، لكنها تتراوح عادة بين أسبوعين إلى شهر.
لا، الشعار جزء من الهوية، وتشمل أيضاً الألوان، الخطوط، القوالب، الرموز، الدليل الإرشادي، وأحياناً التحريك.
ابدأ بتحديد أهدافك، قيمك، وجمهورك المستهدف، ثم تواصل مع مصمم محترف لترجمة هذه الأفكار إلى عناصر بصرية.
هوية العلامة التجارية تمثل شركة أو منتج، أما الهوية الشخصية فتمثل فرداً وتُبنى بناءً على شخصيته وخبراته.
نعم، لكن يُفضل أن تُبنى بشكل مدروس منذ البداية لتقليل الحاجة للتعديلات مستقبلاً.
تختلف بحسب خبرة المصمم ومتطلبات المشروع، وهذه تكلفتها 2500 دولارا امريكيا ويمكنك التواصل معنا للحصول على استشارة مجانية وسعر مخصص لك.