مجال التصميم متغير بطبيعته حسب العديد من العوامل ومن أكثر ما يؤثر عليه الشركات الكبرى والتوجهات الفنية التي يتبعها الناس فيها، ولا شك أن آبل تعد من أقوى شركات العالم في مجال التقنية، وآبل هي نفسها التي غيرت مستقبل التصميم من قبل وأجبرت الجميع على التوجه لمعايير فنية وتصميمية مختلفة تماما، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل ستفعل آبل ذلك مجدداً؟ وكيف غيرت آبل مجال التصميم من قبل؟ وما هو الزجاج السائل؟
هوية آبل البصرية الجديدة: Liquid Glass
في مؤتمر المطورين العالمي WWDC25، كشفت آبل عن نظام iOS 26 الجديد الذي يحمل في طياته لغة بصرية جديدة قد تعيد تشكيل مستقبل التصميم الرقمي كما فعلت من قبل مع iOS 7.


أعلنت آبل عن توجهها الفني الجديد “Liquid Glass” أو الزجاج السائل،وهو تحول كبير يجعل كل واجهات التطبيقات والبرامج زجاجية شفافة ومائية سائلة، فكما ترى من كأس الماء ما خلفه أيضا ترى ما خلف واجهات التطبيقات















هذا التطوير الذي لم يكن متاحا من قبل بسبب طبيعة المعالجات القديمة التي لا تستطيع معالجة هذا الكم الهائل من المعادلات الحسابية والأمور البصرية فبعد إطلاق معالجات الجيل الأحدث من آبل وهو A18 الذي يعد أقوى معالجات آبل التي تدعم الواقع المعزز والرسوميات بشكل أكبر

وكما ذكرنا هو لغة تصميمة ليست لهواتف آبل فقط بل يمتد عبر جميع منتجاتها من الآيفون والآيباد إلى الماك والساعات الذكية، وحتى أنظمة القيادة ونظارات الواقع الافتراضي.







يتميز أسلوب الزجاج السائل بمادة شفافة جديدة تعكس وتكسر ما يحيط بها، مما يزيد من تركيز المحتوى ويمنح مستوى جديداً من الحيوية في عناصر التحكم والتنقل وأيقونات التطبيقات والأدوات. الهدف الأساسي من هذا التوجه هو إعطاء مساحة أكبر للمحتوى دون أن تغطي خيارات التطبيقات على الصورة الأصلية، مما يجعل التجربة أكثر انسيابية وبساطة.
تاريخ آبل في قيادة التغيير التصميمي
آبل ليس غريبا عليها إطلاق ثورات في عالم التصميم ، علينا أن نتذكر الثورة التي أحدثتها آبل عام 2013 مع إطلاق iOS 7. في ذلك الوقت، تخلت الشركة عن الأيقونات الواقعية Skeuomorphic Design والتصاميم المعقدة التي كانت سائدة، وتبنت نهج التصميم المسطح البسيط “Flat Minimalism”. هذا القرار الجريء لم يغير فقط منتجات آبل، بل أثر على صناعة التصميم بأكملها وأصبح المعيار الذهبي للتصميم الرقمي لأكثر من عشر سنوات.








اليوم، نشهد تطوراً مماثلاً مع هوية آبل البصرية الجديدة، حيث تنتقل الشركة من البساطة المسطحة إلى الشفافية والعمق البصري. هذا التحول يعكس مرحلة من نضج التكنولوجيا وتطور توقعات المستخدمين الذين يبحثون عن تجارب أكثر ثراءً وتفاعلاً، واكثر قربا للواقع والعناصر الطبيعية فيه
الزجاج السائل: ترند موجود أم ابتكار جديد؟
الزجاج السائل ليس جديداً فقد انتشر بشكل كبير في 2020 وخصوصا عند شركة مايكروسفت التي استخدمته بكثرة في تطبيقاتها وهويتها الخارجية، ورأينا أيضا دعم لهذا التوجه من برامج التصميم مثل فيجما بخلاف أدوبي المتخلفة التي دوما تكون متأخيرة،

وحتى آبل كانت ستتخدمه بشكل بسيط في تطبيقاتها وفي نظارات Vision Pro التي أطلقتها. الشفافية والعمق البصري والتأثيرات الزجاجية تخلق تجربة تشبه ما نراه في الواقع الافتراضي، حيث تبدو العناصر وكأنها حقيقية أمامنا. هذا ليس مصادفة، بل خطوة مدروسة من آبل للتحضير لمستقبل يكون فيه الواقع الافتراضي والمعزز جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

قد شهدنا انتشار هذا الترند بشكل كبير منذ حوالي سنتين، خاصة في تصاميم واجهات المستخدم والمواقع الإلكترونية. مصممون كثيرون تبنوا عناصر الزجاج والشفافية والتأثيرات البصرية المتقدمة في أعمالهم.
لكن السؤال المهم هو: هل تبني آبل لهذا الأسلوب سيزيد من شهرته وانتشاره أكثر فأكثر؟ التاريخ يؤكد أن قرارات آبل التصميمية تتحول إلى معايير صناعية، وما تفعله الشركة اليوم يصبح غالباً ما يتبعه الآخرون غداً، في الحقيقة ليس تماما وسنعرف لماذا
قرار التغيير ليس عبثيا
لا يمكن فصل هذا التطور عن السياق الأوسع للتحديات التي تواجهها آبل حالياً. الشركة تمر بمرحلة صعبة مع انخفاض مستويات المبيعات بشكل ملحوظ، خاصة في السوق الصينية حيث تصاعدت المنافسة مع شركات مثل هواوي التي استطاعت اكتساح المنطقة بقوة.

وقد ذكرت في كتيبي داخل صندوق الشركات أسباب الشركات في تغيير هوياتها البصرية وكان من أهمها هو الهبوط والرغبة في زيادة المبيعات وتنشيط السوق والقيام بضجة او حركة وهذا ما يتوافق تماما مع الظروف التي تمر بها آبل أمام هواوي وأما الضغوط السياسية والاقتصادية، خاصة مع طلبات ترامب المجنونة في نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة، وإلا فيفرض ضرائب على آبل تقدر بـ 25% أي لو كان ثمن الهاتف 1000 دولار سيدفع المشترون 1250 دولارا مما يزيد من نفرة المشترين

عند فهم هذه الأمور نتفهم جدا إطلاق هوية آبل البصرية الجديدة كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة إحياء الاهتمام بالعلامة التجارية وتمييز منتجاتها في سوق متزايد التنافس.
الخاتمة
هذا هو عالم التصميم بحر هادر لا يكاد يهدأ حتى يعود بأمور جديدة من أعماق البحار، وما زلنا نراقب هذه التطورات ولذلك تأكدوا من متابعة جديدنا لمعرفة آخر التوجهات الفنية في هذا المجال
إن كنت صاحب مشروع وتريد ان تطور هويتك وتجعلها أفضل من آبل فلا تتواصل معي أما إن كنت تريدها أفضل من منافسيها في المجال فأنا الشخص المناسب لتطوير هويتك البصرية وإنشاء لغة بصرية جديدة لمشروعك
عن المقال