في كل مشروع، هناك دائمًا خياران: الأول قد يكون رخيصًا لكنه يفتقر للجودة، والثاني يجمع بين الاحترافية والقيمة المناسبة.
ذات مرة، جاء إلي صاحب مشروع بعرض عمله، وعندما أخبرته بسعري، قرر أن يختار خيارًا أرخص، فاستعن بشخص متدرب لتنفيذ هويته البصرية
مرت سنة كاملة، وفجأة اتصل بي هذا الشخص مرة أخرى. طلب مني أن أصمّم له هوية بصرية جديدة. تفاجأت وقلت له: “لماذا عدت بعد كل هذه المدة؟”
أجابني ببساطة: “لقد حاولت تصميم الهوية البصرية بسعر أرخص، وبصراحة، النتيجة كانت فاشلة جدًا. أريد الآن هوية احترافية تعكس قوة مشروعي حقًا.”
وهكذا بدأت قصتنا… حيث حولت فكرة فاشلة إلى هوية بصرية للعملات الرقمية تعكس شخصية المشروع وتميزه في السوق.
من هي شركة دامو؟
هذه المرحلة الأولى فقمت باجتماعات كثيرة لتخيص أكبر كمية ممكنة من المعلومات وجمعها والاستفادة منها وهذه خلاصتها

وُلدت من رؤية شابة طموحة عام 2018 على يد مجموعة من روّاد الأعمال العرب، هدفهم تأسيس أول شركة وساطة مالية عراقية تعمل وفق المعايير العالمية.
الشركة تسعى لتقديم خدمات التداول والاستثمار في الأسواق المالية بطريقة شفافة، قانونية، وآمنة — لتكون نقطة الانطلاق من العراق نحو العالم العربي، ثم العالمية.
وجدت هذه الشركة لتُعيد ثقة الناس بهذا المجال بعد سنوات من الفوضى والخداع.
هدفها أن تمنح الشباب العربي فرصة لتجربة الاستثمار الحقيقي، وأن تُثقّفهم ماليًا قبل أن يخوضوا المخاطر.
رؤيتها أن تصبح من أقوى شركات الوساطة المالية في الشرق الأوسط، وأن تكون بداية لتأسيس بيئة تداول آمنة ومُنظّمة في العراق.
وباعتبار أن هذا المجال يسير عكس التيار الشائع في العراق والأعمال التي فيه فكان الشعار اللفظي ملئيا بالتحدي
“DAMU تتحدى الجاذبية – Damu challenge gravity“
الجمهور المستهدف والتحديات
الجمهور الأساسي هو الشباب العراقي بين 18 و35 عامًا — طموحون، فضوليون تجاه التكنولوجيا، لكن يفتقرون إلى الوعي المالي والثقة بهذا المجال.
كما تستهدف الشركة الشابات الباحثات عن عمل مرن من المنزل، والمستثمرين الذين يرغبون بتوسيع مصادر دخلهم.
أبرز التحديات:
- خوف الناس من الاحتيال بعد تجارب سيئة سابقة.
- قلة المعرفة بثقافة التداول الحديثة.
- ضعف الثقة في الشركات المحلية.
- التسرع في كسب الأرباح دون تعلم كافٍ.
- تأثر الجمهور بالمظاهر والإعلانات أكثر من الجوهر.
اطلعت بعدها على الهوية البصرية للعملات الرقمية التي قام المصمم الذي قبلي بالعمل عليها وعندما رأيتها عرفت لماذا لم تعجبهم فهذا الشعار مثلا

ولا أريد أن أدخل في تفاصيل الشعار ولماذا هو غير مناسب أصلا ولا يدل أبدا على ما لا يريدونه ولكن يكفي ان أقول لكم أن المصمم عمل على الهوية بدون أن يعرف الجمهور المستهدف وبدون أن يفهم ميزات هذا المشروع عن المنافسين فمن المستحيل أن ينتج شعارا وهوية تناسب هذا المشروع… وبالمناسبة فيمكنكم تحميل كتيبي المجاني الذي قمت بكتابته خصيصا لكم لكي تحللوا أي شعار أمامكم وتعرفوا نقاط ضعفهم ونقاط قوته احصلوا عليه من هنا
التوجه الفني لـ هوية بصرية للعملات الرقمية
بدأت بعدها بمرحلة البحث عن أفضل حل بصري يعبر عن التدرجات اللونية وفعليا وجدت الكثير من التوجهات الحديثة التي تعبر عن التحدي والشبابية وعن المستقبل وهذا بالضبط ما أريده في هويتي البصرية هذه ولذلك جمعت كل هذه الصور وبدأت بتصنيفها كتوجهات فنية واحدة واحدة



هذا المشروع من المشاريع القديمة التي عملت عليها من أكثر من سنتين ونصف فلذلك قد تلاحظون فيها بعض الخلل في تحديد التوجهات الفنية المناسبة للمشروع ولكن أحببت عرض المشروع عليكم حتى إن كنت شخصيا أرى بعض المشاكل التي تحتاج لعلاج أكثر
قمت بعرض التوجهات الفنية على صاحب المشروع واخترنا أن يكون قريبا للتوجه الفني الثاني الذي يكون فيه عمق وتركيز على اللون البنفسجي مع تدرجات لونية متميزة
القرارات لتصميم شعار دامو
بدأت بالتفكير في أول قرار علي اتخاذه في هذه الهوية فهل سيكون الشعار نصياً أم رمزياً وما هي مصلحة هذا المشروع؟ وبعد التفكير خلصت إلا أن هذا المشروع أفضل قرار له هو أن يكون الشعار نصياً وذلك بسبب قوة الاسم واختصاره فهو من أربعة أحرف فقط ولذلك قررت أن أركز عليها بشكل كبير ومن هنا بدأت المحاولات للشعار النصي فأمامي مئات بل ألآلاف أنواع الخطوط المختلفة


ولذلك وضعت أمامي الأفكار التي أريدها فأنا أريد شعارا بسيطا فيه لمسة حداثية يدل على المستقبل والتحدي والحداثة والشبابية هذه الأمور فكرت كيف سأعكسها في خط بسيط يجسد هذه الأمور
فأول أمر قررت أن يكون الشعار قريبا من شكل المربع لأنه يدل دوما على القوة والثقة والتحدي وهذا بالضبط ما أريده وقررت أن يكون هناك نتوء مميز في الشعار ليحافظ على تميزه عن البقية ويعبر عن الحداثة وهذا الشكل رأيته أثناء العصف الذهني الذي فعلته وألهمني جدا

بدأت بعدها بتخطيط الشعار بعد أن وضحت لي الفكرة بشكل كبير فنبدأ أولا بأربعة مربعات وإنشاء الحروف كلها من هذه المربعات فخرجت لدي أربع شعارات أساسية كنت محتارا بينها فلا أعلم ما هو الخيار المناسب فقمت أيضا بأخذ الحرف الأول منها فقط لأرى ما هو المميز والذي يعبر عن المواصفات التي وضعتها حتى لو كان حرفا واحدا فقط


ثم بعدها وبعد استشارة صاحب المشروع وسماع رأيه وانطباعه اخترنا هذا النموذج

وقمت طبعا بتطويره وتخطيط وإتقانه ليكون مناسبا وليكون مبنيا بطريقة دقيقة علمية وليست عشوائية وقد استعملت نسبا معينة في بناء الشعار ليكون متناسقا وجميلاً

قمت بتجربة الشعار عمليا على مختلف الأماكن لنشاهد فعاليته الحقيقية وكيف يتفاعل مع المحيط الخاص به




















اكتشفت أثناء تجربة الشعار قدرة الشعار على أن يكون دنميكيا مرنا وليس جامدا وذلك يساعدني على جعله يتمدد ويملأ الفراغ في مختلف المقاسات
الألوان والخطوط والأشكال
قمت باختيار اللون البنفجي وما يقابله وهو اللون الأخضر والسبب فعليا أن هذه الألوان شائعة جدا في عالم العملات الرقمية وهي ألوان محايدة عن الأحمر والأخضر الذي يعني النزول والهبوط فاخترت أن ابتعد عنها وأذهب إلى هذا اللون المستقبلي المظلم

بالنسبة للخطوط فبحثت عن خط مميز لنا فصادف أن وجدت خطا كأنه قد صمم لهذه الهوية ففيه نفس النتوء الذي في الشعار تماما إلا أن فيه مشكلة وهي عدم الوضوح فبعض الحروف تتشابه جدا ببعضها وكان يجدر بي أن أستخدمه للعناوين فقط وليس للنصوص الصغيرة ليكون واضحا ولكن وقتها سألت صاحب المشروع وقال لي لن نستخدمه إلا كعناوين والبقية ستكون صور ورموز وفيديوهات فقمت باختياره كخط رئيسي

وأما بالنسبة للأشكال فقد اخترتها أن تكون كلها مأخوذة من شكل الشعار والنتوء الذي فيه وذلك لأنها ستعطي تماسكا في الهوية وتعطي شعورا بالوحدة وهذا ما أردته بالضبط






بل حتى النمط المكرر قمت بأخذه من الشعار نفسه عبر جعله دنميكيا متغيرا

وحتى الأيقونات قمت بإعادة تصميمها وقمت بتقسيها إلى قسمين قسم للأيقونات الكبيرة التي نحتاجها في الصفحات الرئيسية مثلا وقسم للأيقونات الطبيعية العادية المستخدمة بحجم صغير بحيث نركز عليها وجعلت القسم الأول زجاجيا عميقا مضاء واضحا وفيه نتوء أيضا كما في كل أجزاء الهوية البصرية للعملات الرقمية

وأخيرا قمت بإنشاء دليل إرشادي لـ هوية بصرية للعملات الرقمية وقمت بكتابة جميع الأمور فيه

وبذلك أكون قد أنهيت هذا المشروع وقد مضى على تمامه وقت كبير ولكن بسبب انشغالي وكثرة المشاريع لم استطع عرضه إلا الآن وبعد أ، اكتشفت فيه جوانب القصور والتقصير
في النهاية، ما تعلمته من هذه التجربة هو أن التصميم الجيد ليس مجرد اختيار جمالي، بل أداة حيوية تعكس قوة المشروع ورسالته. في عالم يتغير بسرعة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية، يجب أن يعبر التصميم عن الفكرة بوضوح واحترافية، مع مراعاة الجمهور المستهدف.
الشعار الذي صممته لم يكن مجرد تفاصيل بصرية، بل كان مرآة لأهداف المشروع. وفي النهاية، كانت النتيجة هوية بصرية تميزت بالقوة، التحدي، والحداثة.
إذا كنت صاحب مشروع ولديك هوية بصرية، لا تتردد في التواصل معي لخلق هوية لا تُنسى.
شكرًا لقراءتك، ولا تنسَ مشاركة المقال مع أصدقائك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن المقال